الجبهة الشعبية لتحرير البحرين

الجبهة الشعبية لتحرير البحرين

  • الجبهة الشعبية لتحرير البحرين

اخرى قبل 5 سنة

الجبهة الشعبية لتحرير البحرين

 

بكرأبوبكر

 

قاومت الشعوب العربية الاحتلال الانجليزي البغيض في القرن العشرين كما قاومت مثيله الفرنسي، وكذلك الايطالي والاسباني.

 

وكان للأول أي الاحتلال والاستعمار الانجليزي حصة الأسد في إهانة الأمة واحتقارها على عادة ذات الاستعمار البريطاني في كل مكان وطأت أقدامه عليه، إذ امتص قدرات الشعوب ومواردها وخرق ثقافتها وسفّه حضاراتها، وأسقط عليها عنصرية الرجل الأبيض مقرونة بالتبشير والتبعية والسطوة بالحديد والنار، ولم يسلم من هذا الأسلوب الاستعماري شعب أو أمة لا في آسيا ولا افريقيا.

 

والى ذلك تميّز الاستعمار البريطاني بمقولته الشهيرة: فرّق تسُد، فخلّف وراءه في كل بلد احتلها مشاكل قومية وطائفية وطبقية بل وقبَليّة، ومشاكل حدود في أقلّها ما نراه اليوم بين الهند والباكستان وبين الدول العربية وبعضها.

 

دقّ الاستعمار البريطاني الاسفين الأكبر في قلب الأمة في فلسطين، ليس حبّا في يهود أوربا الذين طالما أبغضهم الاستعمارالأوربي العرقي الأبيض لأسباب دينية واقتصادية، وانما ليضرب عصفورين بحجر واحد فيتخلص منهم الى الأبد، ويزرع الشِقاق في أمة العرب والمسلمين الى ما شاء الله.

 

استقلت الدول العربية تِباعا من الاحتلال الانجليزي البغيض، وكانت دول الخليج العربي من أواخر الدول التي استقلت عن هذا الاستعمار وخاصة قطر والبحرين ما تم عام ١٩٧١.

 

ومع الاستقلال ظلّ النفوذ البريطاني في البحرين لفترة طويلة في ظل المخابرات أو أمن الدولة التي كان يديرها البريطاني "إيان هندرسون" بين العامين ١٩٦٦-١٩٩٨، ولقيت المعارضة البحرينية العنت الشديد والسطوة والقمع التي تميزت بها العقلية الاستعمارية الانجليزية.

 

جلب هندرسون أساليبه الفجة والارهابية بالتعامل مع المعارضة من عمله السابق في كينيا التي خرج منها مطرودا بعد استقلال كينيا عن الانجليز، وكان المذكور قد مارس فيها القمع لقبائل (الماو ماو) بشكل قبيح ارتبط بسلبهم أراضيهم.

 

أشار الكاتب سعيد الشهابي في كتابه عن البحرين في الوثائق البريطانية إلى أن (جهاز الأمن في البحرين الذي استلم قيادته هندرسون منذ العام 1966 عرف أساليب قمعية شرسة وانتهاكات فظّة لحقوق الإنسان على نطاق واسع) حتى لقبته الصحافة البريطانية ذاتها باسم "جزار البحرين".

 

الصحافة الانجليزية التي أدانت الجزار"هندرسون" في البحرين لم تسمِ بلفور أو اللورد روتشيلد، أو المندوب السامين الصهاينة على فلسطين من "هربرت صموئيل" الى الأخير "غوردون كاننغهام" لم تسمّهم لا محتلين ولا جزارين ولا ارهابيين، وهم كانوا كذلك وأكثر.

 

بالعودة للاستعمار البريطاني للأمة، فلقد لقي المقاومة المختلفة الأشكال في كل مكان، سواء في فلسطين او العراق أو مصر أو البحرين وغيرها.

 

 

لقد تفاخر الارهابي البريطاني "هندرسون" بالقمع الذي مارسه في كينيا قبل نقله من قبل الانجليزالى البحرين! لا سيما ممارساته البشعة في فرض السياسة البريطانية في كينيا من خلال منع المواطنين السود من استرجاع أراضيهم التي استولى عليها البيض بدعم بريطاني ابتداء من العام 1900، حيث قامت السلطات الاستعمارية بقمع انتفاضة السود فيها.(هل نرى توافقا مع ما فعله الانجليز في فلسطين؟) وهنا يبرز "ايان هندرسون" مرتبطا بذلك القمع، وقد كتب هندرسون نفسه كتابا حول مغامراته وقمعه متفاخرا تحت عنوان "اصطياد الرجال في كينيا» في العام 1958 عكس فيه الحوادث من وجهة نظره الشخصية"!.

 

قامت انتفاضات عدة في البحرين ضد الوجود البريطاني قبل الاستقلال وبعده، وخاصة ضد "هندرسون" وممارساته القمعية فنشأت أطر مختلفة، منها الجبهة الشعبية لتحرير البحرين التي عرفنا عددا من أعضائها الأبطال خلال فترة دراستنا الجامعية في الكويت، وهم مجموعة صلبة من المناضلين القوميين الذين كان الوطن العربي عامة والبحرين همّهم الأول رابطين بين الاستقلال من قبضة الجزار هندرسون والديمقراطية.

 

البرنامج السياسي للجبهة الشعبية لتحرير البحرين في السبعينات وما تلاها من القرن العشرين، وهي الجبهة التي انبثقت من رحم "القوميين العرب"، كان برنامجا قوميا وحدويا تقدميا ديمقراطيا بامتياز، وكانت الجبهة تؤكد على "أن النضال  في المرحلة الراهنة يتجه نحو تصفية الوجود الأجنبي وانتزاع الحريات الديمقراطية في البحرين والنضال من أجل الوحدة في منطقة الخليج والجزيرة كرافد من روافد الوحدة العربية الشاملة"

 

وكذلك أكدت الجبهة على "استخدام العنف الثوري كشكل من أشكال النضال عندما تستخدم السلطة العنف ضد الجماهير فإنه من حق الجماهير أن تستخدم العنف للرد على العنف الرجعي•"

 

وأكدت الجبهة بمسار نضالها أيضا بأنها "تناضل من أجل إلغاء كافة الاتفاقيات العلنية والسرية بين السلطة وبريطانيا وأمريكا وتصفية القواعد العسكرية وكافة التسهيلات التي تقدم لهذه الدول ومقاومة الأحلاف المشبوهة التي تطرحها الإمبريالية الأمريكية والمتمثلة في مشروع الأمن الخليجي•"

 

ودعت الجبهة في بياناتها ومؤتمراتها إلى "إقامة مجلس نيابي منتخب، إجراء تعديلات أساسية في الدستور، إلغاء الامتيازات العشائرية، إلغاء حالة الطوارئ وقانون أمن الدولة وقانون العقوبات، إطلاق سراح جميع المعتقلين والسجناء السياسيين والسماح بعودة المبعدين، وإطلاق الحريات العامة وتشكيل الأحزاب والتجمعات السياسية والجمعيات والمؤسسات الاجتماعية•"

 

النضال البحريني العروبي والديمقراطي الطويل، غير الطائفي أو العشائري أو العنصري بل الثوري، أثمر طرد الملعون "هندرسون" "جزار البحرين" البريطاني، وتبني البلاد النظام الملكي الديمقراطي، وهذا ما تحقق للمناضلين البحارنة بالتحديد حين تم انهاء خدمات هندرسون عام ١٩٩٨ الى غير رجعة.

 

ما نود قوله بوضوح أنه في مملكة البحرين كما في كل دولنا العربية في الخليج وسائر الأمة أشقاء ثوار أشاوس ومناضلون، ولسنا بأفضل منهم، وعلينا واجب فتح أفضل القنوات معهم، فالدول تدول والأنظمة تبقى أو تزول رهنا بإرادة الشعوب، لكن الشعوب المناضلة والفتية والمبدعة وحدها تبقى وتسود وتنتصر.

 

 

*لمزيد من المعلومات عن الجبهة الشعبية لتحرير البحرين مراجعة د.فلاح المديرس في دراسته حول الحركات والجماعات السياسية في البحرين (1938 - 2001) في مركز الخليج لسياسات التنمية في الكويت.

* لمزيد من المعلومات عن جزار البحرين البريطاني "هندرسون" الرجوع لصحيفة الوسط البحرينية العدد 3873 بتاريخ 14/4/2013

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بكر أبوبكر

كاتب وأديب عربي فلسطيني

في الفكر والدراسات العربية والاسلامية

التعليقات على خبر: الجبهة الشعبية لتحرير البحرين

حمل التطبيق الأن